شريط أدوات الوصول إلى الويب
01-06-2022

تحقيق صحفي عن مكتب الشكاوى بالمجلس القومى لحقوق الإنسان

بحثاً عن العفو الرئاسي.. إقبال كثيف على مكتب شكاوى المجلس القومي لحقوق الإنسان

(مصراوى بتاريخ ٣٠ مايو ٢٠٢٢)

داخل إحدى قاعات مكتب شكاوى المجلس القومي لحقوق الإنسان بالجيزة، جلست ابتسام عطية "اسم مستعار"، تسرد لأحد الباحثين بالمكتب معلومات عن زوجها المحبوس على ذمة إحدى القضايا، تمهيداً لتقديم طلب عفو رئاسي أملاً في الإفراج عنه.

ضمن الدفعات التي سيفرج عنها خلال الفترة المقبلة، عقب تفعيل عمل اللجنة المختصة بمراجعة موقف السجناء والمحبوسين، وكان إعلان أسماء أول دفعه منهم صباح اليوم الإثنين.

أواخر إبريل الماضي، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال حفل إفطار الأسرة المصرية، إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي، التي تم تشكيلها كإحدى توصيات المؤتمر الوطني للشباب عام ٢٠١٦.

مطالباً اللجنة بأن توسع قاعدة عملها بالتعاون مع الأجهزة التنفيذية ومنظمات المجتمع المدني، لإطلاق قوائم عفو شهرية لمن تنطبق عليهم الشروط، بحسب ما قاله طارق العوضي، عضو اللجنة في تصريحات سابقة.

"كل يوم بدعي ربنا يكرمني وزوجي يخرج عشان يشوف بنته"، تقولها ابتسام، التي اصطحبت طفلتها صاحبة الـ٩ سنوات في السابعة صباحاً من محل إقامتها بمدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، إلى مقر المكتب لتقديم الطلب لزوجها المحبوس على ذمة إحدى القضايا.

تحرك ابتسام كان بناءً على نصيحة أحد المحامين، الذي أخبرها بإعادة تفعيل لجنة العفو، تقول السيدة: "قدمت طلب قبل كدة من خمس سنين بس محصلش حاجة"، وتأمل الحاصلة على ليسانس دراسات إسلامية بجامعة الأزهر هذه المرة النظر إلى ملف زوجها والإفراج عنه: "نفسي يطلع عشان بنته اللي سابها وأنا لسه حامل فيها".

"هنا نستقبل كل الشكاوى بس في الوقت الحالي الأكثر طلبات العفو"، يقول الدكتور ولاء جاد الكريم، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، الذي أنشئ عام ٢٠٠٣ بهدف استقبال شكاوى المواطنين المختلفة المتعلقة بحقوقهم الأساسية التي يكفلها لهم القانون ودراستها وإحالتها لجهات الاختصاص.

ويوضح عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، أنه عقب إعلان رئيس الجمهورية إحياء عمل لجنة العفو الرئاسي، لاحظنا إقبالاً كثيفاً من المواطنين الذين لديهم أشخاص محبوسون على ذمة قضايا بالتردد على مقر المكتب لتقديم الطلبات: "الناس تيجي تقدم الطلب ويتم الفحص من قبل الباحثين بالمجلس".

 تمر طلبات العفو والتظلمات داخل المجلس القومي لحقوق الإنسان بعدة مراحل، وفقاً للمشرف على منظومة الشكاوى، تبدأ بتلقيها من المواطنين حتى وصولها إلى جهات الاختصاص، أبرزها: مراجعة المشكلة واستيفاء الأوراق المطلوبة من الشاكي، ثم تصنيف الطلبات التي لها أولوية في النظر، مثل قضايا الرأي أو سن المحبوسين أو الحالات الصحة، هؤلاء لهم الأولوية، يقول جاد الكريم: "في بعض الشكاوى بيتم التعامل معها أولا نظرا لظروفها".

"ابني محكوم عليه بـ٢٥ سنة سجن قضى منهم ١٠ سنوات، وأولاده لسه صغيرين ومعندهمشي مصدر دخل"، بتلك الاستغاثة عبرت فاطمة عبداللطيف القادمة من منطقة حلوان عن حال ابنها، الذي توقف راتبه بعد صدور الحكم عليه.

مرتب ابنها المتوقف حالياً بعد فصله من عمله، كان مصدر الدخل الوحيد لأولاده، "أبوهم اللي كان بيصرف عليهم من شغله، وملهمشي مصدر داخل تاني دلوقتي". طلب منها الباحث بالمركز القومي لحقوق الإنسان تعبئة استمارة العفو التي تشمل معلومات عن الشخص المحبوس وتسليمها وانتظار البت فيها من اللجنة المختصة.

"ابتسام وفاطمة" اللذان تقدما بطلبات عفو، اثنان من عشرات المواطنين الذين يترددون على مكتب الشكاوى يومياً، لتقديم طلبات العفو عن ذويهم المحبوسين أو لالتماس العفو عن ذويهم، بحسب أية عبود، عضو ملف الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بالمجلس القومي لحقوق الإنسان.

"بسمع من الشخص صاحب الطلب الشكوى" تقول أيه، لكي تتمكن من تصنيفها وتحويلها للوحدة المختصة بالتعامل معها داخل المكتب، الذي يضم عدداً من الوحدات المتخصصة.

ويتكون مكتب الشكاوى من عدد من الوحدات المختلفة يعمل بداخلها أكثر من ٢٧ باحثا وباحثة من خريجي كليات الحقوق، أبرزها وحدة ملف الحريات ووحدة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ووحدة المصريين بالخارج، ووحدة التصنيف ووحدة المتابعة وتحليل الشكاوى والتي من دورها عمل التقارير الشهرية والسنوية.

يقول كريم شلبي، مسؤول ملف الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الذي ينقسم إلى ثلاثة أقسام "حقوق مدنية، وحقوق سياسية، وسجناء"، ولكل وحدة علمها الخاص والشكاوى التي تتعامل معها، وذلك عقب التحقق من قانونيتها، ودراستها وتحليلها من قبل الباحثين للتأكد من صحة الشكوى وأحقية مقدم الشكوى لما يطلبه ثم صياغتها في شكل مناسب تمهيدًا لإرسالها إلى الجهات المختصة.

"أكثر الشكاوى التي نستقبلها بالملف هي شكاوى أهالي السجناء"، يقول كريم الذي يعمل بالملف منذ سنوات، وتختلف تلك الشكاوى ما بين إدراج ملفات وأسماء بعض السجناء في كشوف لجان الإفراج الشرطي التي تعقدها وزارة الداخلية من وقت إلى آخر، أو طلبات أهالي بعض السجناء بنقل أولادهم إلى سجون قريبة من محل إقامة الأسرة تخفيفا للمشاقة خلال رحلة الزيارة، "نتسلم بيانات السجين وبنقوم بإرسالها إلى مكاتب حقوق الإنسان التابعة لوزارة الداخلية للدراسة"، موضحًا أن الوحدة تراعى في قبول طلبات الإفراج الشروط المتبعة، وهي انقضاء نصف مدة السجين نصف، وأن يكون حسن سير والسلوك دخل محبسه "لو السجين مطابق للشروط نقوم بإرسال بياناته".

في وحدة شكاوى الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، التي تضم عددًا كبيرًا من الباحثين، لكونها مختصة باستقبال شكاوى تتعلق بأساسيات مهمة لدى الانسان من توفير المسكن والحياة الصحية الجيدة والسبل المعيشية، يقول كريم مسئول الملف "الشكاوى المتعلقة بالمجتمع كثيرة جدًا ولابد من عدد كبير من الباحثين لدرستها وإرسالها إلى الجهات".

يعمل "كريم" بالوحدة، منذ نشأتها، ومر عليه العديد من الشكاوى المتعددة وطلبات الالتماس التي تعامل معها وانجز الكثير منها، يقول: "شكاوى المواطنين مكررة زي توفير مسكن أو مصدر دخل لأسرة"، بجانب بعض الشكاوى التي تم التعامل معها والمتعلقة بالصحة من حيث خضوع بعض المواطنين للعمليات الجراحية على نفقة الدولة أو علاجهم"، وذلك بحسب الإحصائيات والتقارير التي تعدها الوحدة من وقت إلى آخر.

على مكتبه بملف الحقوق السياسية، يتولى بسام سمير الباحث بالمكتب، متابعة شكاوى المصريين بالخارج ضمن اختصاصات مكتب الشكاوى والتي تصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة "ممكن المصري يتعرض لحاجة تنتهك حقوقه الطبيعية في أي دولة".

بحكم خبرته منذ سنوات، أصبح سمير يمتلك كيفية التعامل مع الشكاوى التي تأتي إليه من المصريين في الخارج، "أي شكوى بدرسها وقبل تحويلها إلى وزارة الهجرة أو وزارة الخارجية إذا لزم الأمر".

يتذكر سمير بعض الشكاوى التي تعامل معها، العديد منها أنصف أصحابها، وأغلبها لمواطنين يشتكون من اضطهاد المؤسسات التي يعملون بها، ويتم تحويل الشكاوى إلى الوزارة المختصة المنوط بها للتواصل مع المؤسسات في الخارج من أجل إعادة حقه العامل له.

وتتنوع الشكاوى التي يتم استقبالها في المكتب من خلال عدة وسائل منها حضور المواطنين بأنفسهم إلى المكتب أو إرسالها عن طريق البريد أو الفاكس أو الموقع الرسمي للمجلس أو رقم الواتساب أو فروع المجلس بالمحافظات أو الوحدات المتنقلة التي تجوب محافظات الجمهورية، "بنعمل تقارير شهرية وسنوية عن أبرز شكاوى المواطنين"، تقول أسماء شهاب، المديرة التنفيذية لمكتب الشكاوى، موضحة أن هناك بعض الشكاوى تستلزم التحليل وإصدار الدراسات التي تساعد في عدم تكررها في الفترات المقبلة.

بجانب الشكاوى المتعددة التي يستقبلها المكتب، يتم رفض نوع آخر من الشكاوى وذلك لكونها خارج الاختصاص، بحسب ما يقول أحمد جميل نائب المدير التنفيذي بمكتب الشكاوى، ومنها أن يكون موضوع الشكوى منظورًا أمام هيئة قضائية، أو أن يكون قد سبق فيها حكم قضائي، أو أن تكون الشكوى بشأن نزاعات بين مجموعة من الأفراد أو المؤسسات الخاصة، أو مع مؤسسات عامة مع بعضها البعض "في شكاوى مينفعش نتعامل معها ولكن ممكن نعطي مشاورة".

في الوقت الذي انشغلت فيه أغلب الوحدات في دراسة الشكاوى الواردة إليهم، كان الباحثون بوحدة المتابعة والرصد منشغلين بالبحث عن الانتهاكات التي تحدث في وسائل الإعلام أو منصات التواصل الاجتماعي في مختلف القضايا. يقول أحد الباحثين بالوحدة: "بنحصر أي انتهاكات مهما كانت وبنعمل بيها تقارير يتم دراستها".

موضحًا أن هناك الكثير من القضايا التي تحتاج إلى بعض التعديلات من حيث كيفية التعامل معها مثل قضايا وبلاغات التحرش "زي حفظ خصوصية الناجية من التحرش والتعامل النفسي لها".

واستقبل مكتب الشكاوى خلال الفترة الماضية العديد من شكاوى التحرش في بيئة العمل والتي يتم تدارسها وتحويلها إلى الجهات المعنية كالمجلس القومي للمرأة أو النيابة العامة، يقول الباحث، موضحاً أن شكاوى التحرش لها تعامل مختلف عن الشكاوى الأخرى والتي تلزمنا التعامل معها بطريقة تلتزم بالخصوصية للناجية.